يمكن أن تندرج غالبيـَّة الأشياء التي قد يراها الإنسان في نومه تحت عدَّة تصنيفات، ومنها:
1. صور: كرؤيا الإنسان، أو الحيوان، أو النبات، أو الجماد…إلخ.
2. أفعال: كرؤيا الأكل، أو الشرب، أو المشي، أو الطيران، أو الهروب…إلخ.
3. أصوات: كسماع صوت الإنسان، أو الحيوان، أو الطبيعة، أو الموسيقى…إلخ.
4. روائح: كَشَمِّ الروائح الجميلة، أو الكريهة…إلخ.
5. مذاقات: كذوق الطعم الحلو، أو المُـرِّ، أو الحامض…إلخ.
6. مشاعر وأحاسيس: كالشعور بالحـبِّ، أو الكُـره، أو المتعـة، أو الألـم، أو الخوف…إلخ.
7. أفكار ومعلومات: كأن يرى الشخص في منامه أنـَّه يفكِّر في أشياء معيَّنة، أو أنـَّه يدركها.
8. أشياء أخرى: ومن ضمنها رؤى لا يتذكَّرها المسلم، وذلك – على سبيل المثال – كأن يستيقظ من نومه وقد أدرك أنـَّه رأى رؤيا، ولكن دون أن يتذكَّر أيـَّة تفاصيل أو أحداث فيها، أو ربَّما يستيقظ وقد أدرك أنـَّه رأى رؤيا تدور حول معنى معيَّن، إلَّا أنـَّه يتذكَّر المعنى فقط الذي تتعلَّق به الرؤيا دون أن يتذكَّر أيـَّة تفاصيل أو أحداث في الرؤيا نفسها.
تفصيلات
(1) يُثار هُنا سؤال، وهو: هل يصحُّ لغويًّا استخدام الفِعل «رأى» – الذي يُستخدَم عادة للتعبير عن الرؤية البصريـَّة – لتوصيف رؤى المنام، في حين أنَّ حاسَّة البصر تكون معطَّلة أثناء النوم؟
والجواب: أنَّ الفعل «رأى» لا يُستخدم فقط للدلالة على ما يراه المسلم ببصره، بل قد يُستخدم أيضًا للدلالة على معانٍ أخرى، فعلى سبيل المثال: قد يأتي الفعـل «رأى» أحيانًا بمعنى «عَلِمَ»، كمـا في قول الله (تعالى): ﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ﴾ (الماعون:1)؛ أي أعَلِمتَ الذي يُكذِّب بالدِّين؟
وقد يأتي هذا الفِعل أحيانًا أخرى للتعبير عن الرأي الشخصيِّ، كأن يُقال: «أرى أن نؤجِّل السَّفر إلى الأسبوع القادم حتَّى نستعدَّ له».
وكذلك، يصحُّ لغويًّا أن يُستخدم الفعل «رأى» للتعبير عن رؤى المنام، ولا يوجد دليل على جواز ذلك أقوى من ذكر هذا الفِعل في القرآن الكريم للتعبير عن رؤيا منام، كما في قول الله (تعالى): ﴿إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ﴾ (يوسف:4).
(2) وسؤال آخر، وهو: ما الفرق اللُّغوي بين كلمة «رؤية» (بالتاء)، وكلمة «رؤيا» (بالألِف)؟ والجواب: أنـَّه لا يوجد فرق لغويٌّ بينهما، فيُجوز أن تُستخدم أيٌّ منهما للتعبير عن رؤيا المنام، ولكن يكـثـُر استعمال كلمة «رؤيا» (بالألِف) للمنام، بينما يكـثـُر استعمال كلمة «رؤية» (بالتاء) لما يراه الإنسان ببصره في اليقظة.
وقد استُخدِمَت كلمة «رؤيا» (بالألِف) في القرآن الكريم للتعبير عن رؤية بصريـَّة، وليست مناميَّة، كما في قول الله (تعالى) عن حادثة الإسراء والمعراج: ﴿وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ﴾ (الإسراء:60).
(3) وسؤال ثالث، وهو: هل يجب أن تحتوي الرؤيا على صورة أو أكثر؟ أم يمكن أن يرى النائم رؤيا لا صورة فيها، كأن تقتصر رؤياه على شمِّ رائحة معيـَّنة أو على سماع صوت معيَّن مثلًا؟ والجواب هو: أنَّ الأصل في الرؤى والغالب عليها أنها تحتوي على صورة أو أكثر، فإن حدث غير ذلك، فهو قليل، كأن يرى النائم على سبيل المثال في بعض الرؤى أنـَّه يسمع كلامًا فقط دون صورة، وهذا الأخير هو نوع من الرؤى يُطلق عليه «الهاتِف».
وأذكر في هذا السياق أنِّي كنت قد رأيت وأنا في حوالي الثامنة عشر من العُمر هاتِفًا، سمعت فيه من يقول لي: ﴿اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ﴾ (البقرة:257)، فنحسبها تحقَّقَت بفضل الله (جلَّ جلاله)، وكان ما كان من نعمة الله (عزَّ وجلَّ) عليَّ بانصلاح الحال، ولله (تعالى) الحمد والمنَّة.
والله (تعالى) أعلم.
قام بإعادة تدوين هذه على مدونة تفسير الأحلام.
إعجابإعجاب