ما هي طبيعة الرؤى التي تكون من الله؟

لهذا النوع من الرؤى طبيعتان مختلفتان، قد تنفصلان عن بعضهما، فتكون هذه في رؤيا، وتلك في رؤيا أخرى، وقد تجتمعان معًا في رؤيا واحدة، فتُشكِّلان طبيعة ثالثة تكون مزيجًا بين الطبيعتين، وتتمثَّل هذه الطبائع في الآتي:

الأولى: رؤى مباشرة: وهي التي تتحقَّق في الواقع كما رآها النائم تمامًا.
ومن أمثلتها: أن يرى شخص رؤيا أنـَّه اشترى سيَّارة من نوع معيَّن، وبلون معيَّن، فتـتحقَّق في الواقع بأن يشتري سيَّارة فعلًا، ومن نفس النوع، وبنفس اللَّون الذي رآه في الرؤيا.
ومن أمثلتها أيضًا: أن يرى شخص رؤيا أنَّ صديقًا له قد زاره، فتـتحقَّق في الواقع بأن يزوره هذا الصديق فعلًا.
ومن أهمِّ أمثلتها: الرؤيا التي رآها النبيُّ (صلَّى الله عليه وسلَّم) أنـَّه وأصحابه (رضي الله عنهم) قد دخلوا البيت الحرام، فتحقَّقت كما هي بعدها بعام، وقد قال الله (عزَّ وجلَّ) في شأن هذه الرؤيا:﴿لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخَافُونَ…﴾ (الفتح:27).

الثانية: رؤى غير مباشرة (مَرمُوزَة): وهي التي لا تتحقَّق في الواقع كما رآها النائم، ولكن يكون ما رآه فيها هو مجرَّد رمز (أو رموز) للدلالة على معانٍ أخرى مختلفة ومستـترة، يمكن استنباطها من الرؤيا وفقًا لقواعد معيَّنة.
والأمثلة على هذا النوع من الرؤى كثيرة، منها: أن يرى شخص في رؤيا أنَّ هديَّة جميلة قد وصلته، فيُحتمل أن تكون هذه الهديَّة رمزًا يدلُّ على خبر سارٍّ سوف يسمعه الرائي.
ومن أمثلتها أيضًا: أن يرى شخص رؤيا أنـَّه خرج من بيته، ثم دخل إلى بيت آخر، فيُحتمل أن يكون ذلك رمزًا يدلُّ على أنـَّه سيُبدِّل زوجته بزوجة أخرى، أو أنـَّه سيهاجر من بلده إلى بلد آخر…إلخ.
ومن أهمِّ أمثلتها: الرؤيا التي رآها يوسف (عليه السلام) في صِغَره، والتي ذُكِرَت في قول الله (عزَّ وجلَّ): ﴿إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ﴾ (يوسف:4)، فالشمس، والقمر، والنجوم في هذه الرؤيا رموز لأمِّه، وأبيه، وأخوته.

الثالثة: رؤى مُختلطة: وهي الرؤيا التي تجمع بين ملامح الرؤيا المُباشرة والرؤيا المرموزة معًا، فتأتي الرؤيا الواحدة لتحتوي على خليط ما بين بعض الأشياء أو الأحداث مباشرة الدلالة، وبين بعض الأشياء أو الأحداث الأخرى المرموزة.
والأمثلة على هذا النوع كثيرة، ومن ضمنها: الرؤيا التي رُويَت عن النبيِّ (صلَّى الله عليه وسلَّم)، أنـَّه قال: «رأيت في المنام كأنَّ أبا جهل أتاني، فبايَعَني»، فلمَّا أسلم خالد بن الوليد، قيل لرسول الله (صلَّى الله عليه وسلَّم): «قد صَدَق الله رؤياك يا رسول الله، هذا كان إسلام خالد»، فقال (صلَّى الله عليه وسلَّم): «لَيَكوننَّ غيرُه»، حتَّى أسلم عكرمة بن أبي جهل، وكان ذلك تصديق رؤياه. (لم أقف على حُكمِه – المُستَدرَك على الصحيحين)
فأبو جهل (عليه لعنة الله) ليس هو المقصود لذاته في هذه الرؤيا، ولا يدلُّ فيها على نفسه، بل هو مجرَّد رمز لشخص آخر، وهو ابنه عكرمة (رضي الله عنه)، بينما تدلُّ البيعة في الرؤيا على بيعة فعلًا، فهي حدث ذو معنى مباشر في الرؤيا، تحقَّق كما هو، وليس رمزًا لشيء آخر.
فهذه رؤيا مختلطة تجمع بين ما هو مباشر، وما هو رمز.
والله (تعالى) أعلم.

نُشر بواسطة Jamal Hussein

Dream interpretation researcher and analyst

لا توجد آراء بشأن "ما هي طبيعة الرؤى التي تكون من الله؟"

إضافة تعليق

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

%d مدونون معجبون بهذه: