معنى ذلك أن يرى الشخص نفسه في المنام يقوم بأيِّ عمل من أعمال الخير تجاه الآخرين كالصدقة للفقراء، والرحمة بالضعفاء، والعطف على المساكين، أو الشفاعة الحسنة للضعفاء، والانتصار للمظلومين…إلخ، أو – على العكس – أن يرى نفسه يقوم بعمل من أعمال الأذى تجاه الآخرين كالسبِّ، والضرب، والسرقة…إلخ.
وهذا النوع من الرؤى قد يتمُّ تفسيره في كثير من الأحيان بأن ينعكس معناه على الرائي في يقظته كمثوبة من الله (تعالى)، أو كعقوبة منه (سبحانه).
والدليل على صحة هذه القاعدة هو قول الله (تعالى): ﴿وَمَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ (الصافات:39)، وكذلك قوله (عزَّ وجلَّ): ﴿فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ (7) وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ (8)﴾ (سورة الزلزلة).
وقد تناول القدماء هذه القاعدة في كتبهم، ولكن لم يضعوا لها الضوابط المطلوبة، فكانوا يقولون الضارب في الرؤيا مضروب في اليقظة والعكس، والشاتم في الرؤيا مشتوم والعكس، والآخذ في الرؤيا مُعطٍ والعكس…إلخ.
ومن أمثلة هذا النوع من الرؤى:
1. شخص يعاني من أزمات كثيرة رأى نفسه في المنام يحتضن طفلاً صغيراً ويعطف عليه. فهذه رؤيا يرحم فيها الرائي طفلاً صغيراً، فيمكن أن يتم تفسيرها بأن الله (تعالى) يرحم الرائي في اليقظة.
2. شخص رأى نفسه في المنام يأوي في منزله شخصاً مسكيناً بلا مأوى. فهذه الرؤيا قد تدل على بشرى بمسكن أو مأوى للرائي نفسه.
3. شخص مريض رأى نفسه في المنام يصطحب مريضاً إلى المستشفى ويدفع له ثمن العلاج حتى شُفِي المريض وخرج من المستشفى. فلعل هذه الرؤيا تدل لهذا الرائي على أن الله (تعالى) يرزقه بمن يقوم معه في اليقظة بمثل هذا العمل أو ما يشبهه.
4. شخص فاسد رأى نفسه في المنام يتآمر ويكيد لشخص، ويتسبب له في أذى. فهذه الرؤيا قد تدل على أن الله (تعالى) يبتلي هذا الرائي في اليقظة بمن يقومون معه بهذه الأعمال.
5. امرأة غير متزوجة رأت نفسها في المنام تعين أختاً لها على الزواج. فلعل هذه الرؤيا تدل للرائية على أنها سوف يأتيها من يتزوجها أو يعينها على الزواج في اليقظة.
ويُحكى في هذا السياق أن رجلاً من الصالحين كان قد ابتُلي بهم شديد ووحدة لفترة طويلة من الزمن، فكان يدعو الله (تعالى) بالفرج. وفي ليلة نام فرأى كأن طفلاً صغيراً مجهولاً في بيته، وكأن هذا الطفل في حالة إهمال، ولم يستحم منذ وقت طويل، ويحتاج لقضاء حاجته، ولكن لا يوجد من يعتني به. فقال له الرائي في المنام أنه سيقوم بإدخاله الحمام حتى يُغسِّله ويجعله يقضي حاجته. ففُسِّرت الرؤيا على أنها فرج للرائي من همومه على أساس هذه القاعدة السابق ذكرها.
وينبغي على المفسر أن يراعي بعض الضوابط في استخدام هذه القاعدة، ومنها:
1. يُفضَّل استخدام هذه القاعدة إذا كان من يقوم الرائي تجاهه بالعمل في المنام مجهولًا؛ لأنَّ الشخص المجهول أقوى في الدلالة على معنى (كالرحمة مثلًا)، بينما الشخص المعروف للرائي في الرؤيا (كابنه، أو أخيه، أو صديقه مثلًا) أقوى في الدلالة على نفس هذا الشخص أو على شخص آخر مثله.
فمثلًا: في المثال الأول من الأمثلة السابقة يُفضَّل أن يكون الطفل الصغير مجهولًا للرائي حتَّى يتمَّ تطبيق هذه القاعدة. أمَّا إذا كان الطفل معلومًا للرائي (كأن يكون ابنه مثلاً)، فقد تدلُّ الرؤيا حينئذٍ على خير يناله الطفل على يد والده، بينما يضعف هنا احتمال أن يكون المقصود بالرؤيا معنى الرحمة العائد على الرائي في اليقظة. ومع ذلك، فلا مانع من تطبيقها في رؤيا الأحياء أيضًا بحسب ما يتناسب ويتقارب مع أحوال الرائي وظروفه.
2. لا يتمُّ تطبيق هذه القاعدة إذا كان الرائي صالحًا وقد رأى نفسه يسيء لشخص فاسد في الرؤيا أو فاسد في اليقظة. فمثلاً: شخص صالح رأى نفسه في المنام يسب أو يضرب شخصاً يغتصب امرأة مسكينة في الرؤيا أو فاجر مجاهر بفجوره في اليقظة، فلا تدل هذه الرؤيا على أن الرائي سيُضرب أو يُشتم في اليقظة.
3. ينبغي أن تُراعى أحوال الرائي وظروفه عند تطبيق هذه القاعدة، فلا يُبشَّر الفاسد، ولا يُنذَر الصالح، ولا يُبَّشر بالشفاء من هو غير مريض، ولا بالمأوى والسكن من هو غني…إلخ.
والله (تعالى) أعلم.
انقر هنا الان للاشتراك فورا في خدمة تعبير الرؤيا على الأصول الشرعية الإسلامية