الرؤيا القويَّة هي التي تتوافر فيها أو في رائيها شروط تجعل الوصول إلى تفسيرها أسهل على المفسِّر صاحب العلم والموهبة، بينما الرؤيا الضعيفة هي التي تتوافر فيها أو في رائيها شروط تجعل الوصول إلى تفسيرها أصعب على المفسِّر، ولو كان ذا علم وموهبة.
وتتفاوت الرؤى بين درجات من القوَّة والضعف، فليست القويَّة كلُّها بنفس القوَّة، ولا الضعيفة كلُّها بنفس الضعف، ولكن تتفاوت القوَّة أو الضعف من رؤيا لأخرى بحسب شروط معيَّنة.
أمَّا عن الفرق بين ملامح الرؤيا القويَّة والضعيفة فهو كالآتي:
1. صلاح الرائي أو فساده: وهذا من أهمِّ ما يقوِّي الرؤيا أو يضعفها؛ لأنَّ رؤيا المسلمين الصالحين هي الأقرب إلى الصدق وإلى البشرى، وهي الأقوى، بينما رؤيا الفاسدين هي الأقرب إلى الضعف والأضغاث.
2. درجة وضوح الرؤيا: بعض الرؤى تكون واضحة وسهلة التذكُّر في ذهن رائيها، بينما لا يكون البعض الآخر كذلك، فقد يكون بعض الرؤى مشوَّشًا ومبلبلًا في ذهن الرائي، فينعكس ذلك على حكايته للرؤيا. فهذا بلا شكٍّ يؤثِّر سلبًا على قدرة المفسِّر على فهم وتفسير الرؤيا.
3. قلَّة وتركيز الأحداث أو كثرتها وتشعُّبها: قد تكون الرؤيا قليلة الأحداث أيسر للمفسِّر وأوضح، وقد تعطيه فرصة أكبر للتركيز في رموزها وحصر معانيها عن الرؤيا كثيرة الأحداث.
4. قلة أو كثرة احتمالات معانيها: هناك بعض رموز في الرؤى قد تكون قليلة المعاني وواضحة الدلالة كالمصحف الشريف مثلًا، بينما قد تحتمل رموز أخرى في بعض الرؤى العديد من الاحتمالات كرؤيا الشخص المجهول مثلًا ممَّا قد يسبِّب التباسًا أحيانًا على المفسِّر.
5. رؤيا مُفرحة أو مُحزنة: قد يجد المفسِّر في كثير من الأحيان سهولة في تفسير الرؤيا المُفرحة التي تبشِّر رائيها بالخير، بينما قد يصاب بالإحراج والحيرة في الرؤى المُحزنة الأليمة، لاسيَّما إذا كان رائيها صالحاً.
6. رؤيا معروفة الرموز أو مجهولة الرموز: قد يرى المسلم بعض الرؤى التي تحتوي على رموز معروفة ومألوفة سواء له أو لعموم المسلمين كالمساجد، والبيوت، والأطعمة…إلخ، وقد يرى المسلم أيضًا رؤى ذات رموز غير معروفة ولا مألوفة كالأماكن والمخلوقات الغريبة والمجهولة. وممَّا لا شكَّ فيه أنَّ تفسير الرموز المعروفة قد يكون أيسر في كثير من الأحيان من تفسير الرموز المجهولة.
7. اتصال أحداث الرؤيا وترابطها أو انقطاعها وتفككها: وينطبق هذا فقط على الرؤيا التي تتكوَّن من عدد من الأحداث والمشاهد. فهناك بعض الرؤى تتَّصل أحداثها ببعضها بشكل منطقيٍّ ومفهوم كأنـَّها قصَّة أو حكاية، بينما هناك بعض آخر من الرؤى لا يستطيع رائيها الربط بين أحداثها جيِّدًا عندما يرويها للمفسِّر. وبلا شكَّ، فقد يؤثِّر ذلك على فهم المفسِّر للرؤيا وتفسيرها.
8. رائيها معروف الحال أو مجهول الحال: وقد يسأل سائل: هذه الرؤيا، فما دخل حال رائيها؟ والجواب: أنَّ حال الرائي هو جزء لا يتجزَّأ من تفسير رؤياه. فمعرفة أحواله لا شكَّ قد تفتح أمام مفسِّر الرؤيا الفرصة لمعرفة المزيد من معاني الرؤيا أو تفسيرها بشكل أقرب للصواب من عدم معرفة أحوال رائيها.
وقد يُثار هنا سؤال عن الحكمة من أن تأتي الرؤيا قويَّة أحيانًا أو ضعيفة أحيانًا أخرى. والجواب هو: أنَّ هذا راجع إلى التقدير الإلهيِّ في مدى احتياج الرائي للرؤيا القويَّة أو الضعيفة، أو مدى ملائمة إيِّ منهما لحالته الصحيَّة والنفسيَّة وغير ذلك في التوقيت الذي رأى فيه الرائي الرؤيا.
والله تعالى أعلم
قام بإعادة تدوين هذه على مدونة تفسير الأحلام.
إعجابإعجاب