الأصل أنَّ عالَمَي اليقظة والمنام مفصولان عن بعضهما، فلا يتداخلان، ولا يختلطان معًا. ولكن قد يحدث في بعض الأحيان أن يتأثَّر كلا العالمين ببعضهما. ومن أمثلة ذلك:
1. رؤيا المسلم في المنام أنـَّه يبكي، ثم يستيقظ وقد شعر بالدمع في عينيه من تأثير الرؤيا.
2. ترديد المسلم لآيات من القرآن الكريم في أثناء الرؤيا، ثم استمراره في ترديدها مع الاستيقاظ.
3. رؤيا المسلم أنـَّه يستمع لشيء معيَّن في المنام (آيات من القرآن الكريم مثلًا)، ثم يستيقظ فيجد أنَّ ما كان يستمع إليه في المنام موجود بجواره في اليقظة (إذاعة القرآن الكريم في المذياع)، ثم يكمل استماعه له عند الاستيقاظ.
4. رؤيا المسلم أنـَّه يشمُّ رائحة معيَّنة في المنام، ثم يستيقظ ويكتشف أنـَّها موجودة حوله في اليقظة.
5. رؤيا المسلم أنـَّه عطشان وأنـَّه يشرب في المنام، ثم يستيقظ وقد وجد نفسه عطشانًا فعلًا.
6. بصق المسلم لا إراديًّا مع الاستيقاظ من الرؤيا، أو اكتشافه بعد الاستيقاظ أنَّ اللُّعاب كان يسيل من فمه أثناء الرؤيا.
وتعتبر هذه الظواهر وغيرها من أغرب ما واجهني في التعامل مع عالم الرؤى. وقد أشغلت هذه الظواهر الكثير من وقتي تأمُّلًا وبحثًا، خاصَّةً وأنِّي قد تعرَّضت لها أو لأمثالها أكثر من مرَّة. وبناء على ذلك، فحديثي عنها ليس فقط كباحث يُراقب شيئًا، أو يقرأ عن شيء، بل كشخص خاض هذه التجربة، وانفعل بها (بفضل الله).
ولكن قد يسأل سائل: ألا يمكن أن تكون هذه الرؤى من أحاديث النفس أو من الشيطان الرجيم؟
والجواب: هو أنـَّه يُمكن بالفعل أن يكون بعض هذه الرؤى من أحاديث النفس أو من الشيطان، ويمكن كذلك أن يكون بعضها صادق، والفيصل في ذلك هو طبيعة الرؤيا نفسها، فهناك رؤى قد تظهر عليها علامات الكذب، وهناك أخرى قد تظهر عليها علامات الصدق.
فعلى سبيل المثال: أذكر أنَّ أحد المسلمين الصالحين المصابين بالسِّحر (عافانا الله والمسلمين) كان قد ذهب لزيارة أهله ضعفاء الالتزام الدينيِّ، فأخذه النوم، فنام عندهم. وكان من عادة هؤلاء أن يتركوا التلفاز مفتوحًا أثناء نومهم على الأفلام والموسيقى (عياذاً بالله)، فكان الشيطان يأتي للرجل المسكين في نومه، فيُدخِل أنغام الموسيقى التي تخرج من التلفاز إلى منام الرجل، أي يُريه إيَّاها في المنام، فيسمعها في منامه، فيستيقظ مفزوعًا، وقد أدرك أنَّ ما كان يسمعه في منامه هو ما يخرج من التلفاز (نسأل الله العفو والعافية). فهذه الرؤيا السابقة تظهر عليها علامات الرؤيا الشيطانيَّة بشكل واضح جدًّا.
وأيضًا، فقد يكون هذا النوع من الرؤى من أحاديث النفس، كأن ينام الشخص على جوع، فيحلم أنـَّه جائع، ثم يستيقظ وهو أشدُّ جوعًا. وهذا النوع من الرؤى قد ينتج عن تأثـُّر بحالة جسديـَّة موجودة فعلًا عند الشخص النائم. وقد تأتي رؤى أحاديث النفس بدرجة من العبث والسذاجة تجعلها تتميَّز عن الرؤى الصادقة بشكل واضح إلى حدٍّ ما.
أمَّا عن الرؤى الصادقة من هذا النوع، فهي آية من آيات الله (تعالى)، وظاهرة عجيبة لا نملك إذا ما سمعنا عنها أو تعرضنا لها إلَّا أن نقول: سُبحان الله العظيم! وكذلك فإنَّ لها تفسيرًا سوف نتناوله بإذن الله (تعالى) في قسم تفسير الرؤى.
والله (تعالى) أعلم.
اشترك الآن في خدمة تعبير الرؤيا على الأصول الشرعية الإسلامية و الدورة الدراسية المتميزة في علم التعبير وفق منهج شرعي أو يمكنك دعم موقعنا أيضا
قام بإعادة تدوين هذه على مدونة تفسير الأحلام.
إعجابإعجاب