من الثابت في القرآن الكريم أنَّ الكفَّار قد يُرَوا رؤى صادقة، كما رأى صاحبا يوسف (عليه السلام) في السجن رؤيـيين، كما في قول الله (تعالى): ﴿وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانَ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾ (يوسف:36).
وقد يتسائل بعض المسلمين عن الحكمة من أن يُري الله (تعالى) بعض من لا يؤمنون به (سبحانه)، أو بعض المشركين رؤى صادقة؟ أليست هذه الرؤى نعمة وكرامة ذات شأن عظيم يَمُنُّ بها الله (تعالى) على عباده الصالحين؟ فلماذا يُكرَّم هؤلاء بمثل هذه الرؤى؟
والجواب أنـَّه في بعض الأحيان تقتضي الحكمة الإلهيَّة أو بعض المصالح أن يُرَى أمثال هؤلاء مثل هذه الرؤى، ومن ضمن هذه المصالح:
1. هداية الكافر إلى الإسلام: وقد حدث هذا بالفعل مع العديد من غير المسلمين. فالرؤى الصادقة هنا تكون بمثابة آية من آيات الله (تعالى) لبعض هؤلاء بهدف إعانتهم على معرفة الله (تعالى)، والاقتراب منه (سبحانه) في ظلمات مجتمعاتهم الضَّالة، وفي متاهات أفكارهم المنحرفة التي نشأوا عليها، واعتنقوها، ومارسوها.
2. إكرامًا لمسلم صالح، وليس إكرامًا للكافر: وهذا كالرؤيـيين اللتين أُريَهما صاحبا يوسف (عليه السلام) في السجن بهدف أن يفسِّرهما لهما يوسف (عليه السلام)، فيعرف واحد منهما فضله وعلمه (عليه السلام) بتفسير الرؤى، ثم يخرج هذا الصاحب من السجن، ليعمل عند الملك، ثم يسمع هذا الصاحب بعد ذلك برؤيا الملك، والتي يطلب لها تفسيرًا، فيبلغه بعلم يوسف (عليه السلام) بتفسير الرؤى، فيفسِّرها يوسف (عليه السلام) للملك، فيُخرجه من السجن، ويقرِّبه منه.
وهكذا، قد تكون رؤى هؤلاء الكافرين سبيلًا إلى نجاة وتمكين إنسان مسلم صالح، وليست إكرامًا لهم.
3. رحمة من الله (تعالى): سبحانه وتعالى قد وسعت رحمته كلَّ شيء، وكلَّ مخلوق. فربَّما يُرى غير المسلم هذا النوع من الرؤى رحمة من الله (تعالى) لمصلحة بعض العباد من ذوي الحالات الخاصَّة كرفع ظلم عن المستضعفين، أو لإنقاذ أطفال مساكين، أو رحمة ببعض الطيِّبين وذوي الأخلاق ممَّن لا يعرفون شيئًا عن الإسلام، ولا ذنب لهم في ذلك، أو إنذارًا لبعض المجرمين من ذوي البطش.
والله (تعالى) أعلم.
https://twitter.com/DreamInterpre10/status/1309902245996253184