ما هي الرؤى مفتوحة الأوَّل؟ وما دلالتها؟

الرؤى مفتوحة الأوَّل هي أقلُّ شيوعًا بين الناس من سابقتها مفتوحة الآخر. والرؤيا مفتوحة الأوَّل هي نوع من الرؤى لا يتذكَّر الرائي أوَّلها، أو لا يستطيع تحديد تفاصيل ما حدث في بدايتها بدقَّة ووضوح، ولكن ربـَّما يتذكَّر آخرها فقط بشكل جيِّد وواضح.
فعلى سبيل المثال: نفترض أنَّ مُسلِمًا رأى نفسه في المنام راكبًا في طائرة مسافرة إلى مكان، ثم انتهت الرؤيا واستيقظ. ولكنه عندما استيقظ كان يدرك أنـَّه قبل ركوبه لهذه الطائرة في الرؤيا قد مرَّ بأشياء أخرى في هذه الرؤيا لكنَّه لا يتذكَّرها، ولا يستطيع أن يحكي تفاصيلها، بل يتذكَّر فقط آخر ما حدث في الرؤيا وهو ركوبه للطائرة.
فهذا هو نوع من الرؤى يُطلق عليه الرؤى مفتوحة الأوَّل.
وربَّما تكون لانفتاح أوَّل الرؤيا بهذا الشكل دلالات معيَّنة، نذكر منها:
1. أهمِّيَّة وقيمة الأحداث التي تدلُّ عليها الرؤيا: بمعنى أن يكون عدم تذكُّر أوَّل الرؤيا أو عدم تذكُّره جيِّدًا وتذكُّر آخرها فقط دليلًا على قيمة وأهمِّيَّة ما يدلُّ عليه آخرها من معانٍ بالمقارنة بأشياء أخرى تحيط بهذه المعاني في حياة الرائي.
فمثلًا: قد تدلُّ الأحداث الأخيرة في رؤيا مفتوحة الأوَّل على حدث مهمٍّ تتغيَّر معه حياة الرائي، ويكون انفتاح أوَّل الرؤيا علامة على أهمِّيَّة وقيمة هذا الحدث بالمقارنة بكلِّ ما في حياة الرائي من أحداث سابقة.
ومثل آخر: نفترض أنَّ طالبًا مجتهدًا في المدرسة رأى في المنام رؤيا مفتوحة الأوَّل وكأنـَّه نجح في الثانويَّة العامة. فكأنَّ انفتاح أوَّلها هنا يدلُّ على قيمة وأهمِّيَّة هذه السنة الدراسيَّة بالمقارنة بكلِّ ما سبقها من سنوات دراسيَّة أخرى. 
2. عدم تأثير ما حدث على ما سوف يحدث: بمعنى أن يكون عدم تذكُّر أوَّل الرؤيا أو عدم تذكُّره جيِّدًا وتذكُّر آخرها فقط دليلًا على عدم وجود علاقة بين شيء حدث في الماضي وشيء سوف يحدث في المستقبل.
فمثلًا: نفترض أنَّ فتاة مرَّت بظروف صعبة في حياتها يمكن أن تؤثِّر على زواجها ومستقبلها ثم تابت وانصلح حالها. نفترض أنَّ هذه الفتاة قد رأت في منامها أنـَّها تزوَّجت وسعيدة بهذا الزواج، ولكن عندما حكت الرؤيا للمفسِّر قالت له بأنَّ هذه الرؤيا كانت لها أحداث في بدايتها سبَّبت لها ضيقًا وألمًا، لكنَّها لا تتذكَّر أيَّ شيء عن تفاصيل هذا الضيق والألم في بداية الرؤيا أو سببه.
هذه رؤيا مفتوحة الأوَّل؛ لأن الفتاة لا تتذكَّر جيِّدًا تفاصيل ما حدث في بداية الرؤيا، بل كلُّ ما تتذكَّره منها أنـَّها أشياء مؤلمة فقط، ولكنَّها تتذكَّر جيِّدًا الحدث الأخير وهو الزواج السعيد.
في هذه الحالة يمكن أن يتمَّ تفسير هذه الرؤيا على أنـَّها بشرى لها بزواج سعيد. أمَّا أوَّل الرؤيا الذي سبَّب لها ضيقًا وألمًا والذي لا تذكر تفاصيله، فربَّما يدلُّ هذا الانفتاح في بداية الرؤيا على بشرى بعدم تأثير ما مرَّت به هذه الفتاة من أحداث مؤلمة في بدايات حياتها على هذا الزواج السعيد بمشيئة الله (تعالى).  
3. ارتباط أو تشابه ما حدث في الماضي بما سوف يحدث في المستقبل: بمعنى أن يكون عدم تذكُّر أوَّل الرؤيا أو عدم تذكُّره جيِّدًا وتذكُّر آخرها فقط دليلًا على تشابه وارتباط ما حدث في الماضي بما سوف يحدث في المستقبل.
فمثلًا: دعى شابٌّ مسلم الله (عزَّ وجلَّ) بأن يرزقه الزوجة الصالحة. وكان هذا الشاب يعمل في أنشطة ثقافيَّة وكتابيَّة. فنام فرأى نفسه يطالع موضوعًا في مجلَّة، وكأنَّ في الموضوع صورة لرجل وامرأة بجوار الكلام المكتوب. وعندما حكى الشابُّ الرؤيا قال بأنـَّه كان في بداية الرؤيا يطالع موضوعات أخرى في المجلَّة، لكن لا يتذكَّر هذه الأحداث إلَّا بشكل ضعيف جدًّا، بينما يتذكَّر هذا الموضوع والصورة المجاورة له في آخر الرؤيا بقوَّة ووضوح.
فهذه الرؤيا إذا عُرضت على مفسِّر، فربـَّما يفسِّر هذه الصورة التي فيها الرجل والمرأة بزواج. أمَّا الموضوع في المجلة أو الكلام المحيط بالصورة فهو سياق أو ظروف معيَّنة يحدث في إطارها هذا الزواج. وربَّما يكون هذا السياق هو المجال الثقافيُّ أو الكتابيُّ الذي يعمل فيه الرائي؛ لأنَّ الكلام في المجلَّة يدل على ذلك. أمَّا انفتاح أول الرؤيا أو الموضوعات السابقة في المجلَّة التي كان يطالعها الرائي ولا يتذكَّر منها شيئًا، فربَّما تدلُّ على أنَّ هذا السياق الثقافيُّ الذي سوف يحدث فيه الزواج هو امتداد لنفس الدائرة الثقافيَّة أو المجال أو الخطِّ الذي يعمل فيه الرائي كأن تكون الزوجة زميلته في العمل أو قارئة لكتبه وأعماله السابقة…إلخ.
وهكذا يكون انفتاح الرؤيا دليلًا على ارتباط السابق باللاحق.
والله (تعالى) أعلم.

https://twitter.com/GamalHoussain/status/633696801103720448