للرؤيا تفسير صحيح واقع، وتفسير مُحتمل، وتفسير خطأ.
فأمَّا التفسير الخطأ فهو التفسير الذي لا يقوم على أيِّ أساس أو قاعدة من القواعد الصحيحة لتفسير الرؤى، أو هو التفسير الذي أخطأ فيه المفسِّر في استخدام القاعدة، فلم يطبِّقها التطبيق الصحيح. وبالتالي لا يصل إلى تفسير صحيح للرؤيا.
أمَّا التفسير المُحتمل للرؤيا فهو تفسير واحد من ضمن عدد من التفاسير لرؤيا واحدة يستندون جميعًا إلى القواعد الصحيحة لتفسير الرؤى. وبالتالي يمكن أن ينطبقوا كلُّهم على الرؤيا. وهذه التفاسير تسمى تفسيرات احتماليَّة للرؤيا أو احتمالات لمعنى الرؤيا. وقد يكون للرؤيا الواحدة أكثر من تفسير يقومون كلُّهم على قواعد صحيحة، ويُحتمل تحقُّق أيُّ واحد منهم.
أمَّا التفسير الصحيح الواقع فهو تفسير واحد فقط من بين التفسيرات المُحتملة للرؤيا، وهو المعنى المقصود بها، وهو المُتحقِّق فعلًا من بين احتمالات معانيها.
مثال: نفترض أنَّ مسلمًا قد رأى في منامه طِفلًا صغيرًا، ففي هذه الرؤيا لدينا ثلاثة أنواع من التفاسير:
الأول: تفسير خطأ: كأن يقول المفسِّر للرائي مثلًا أنَّ الطفل معناه في الرؤيا مُصيبة. فنسأله: كيف وصلت إلى هذا التفسير؟
فإذا لم يكن هذا التفسير قائمًا على قاعدة صحيحة من قواعد تفسير الرؤى، أو لم يكن ناتجًا عن تطبيق صحيح لهذه القاعدة، قلنا عنه تفسيرًا خطأ، أو تفسيرًا غير مُحتمل، أو غير صحيح، أو غير واقع، ولم نقبله.
الثاني: تفسير مُحتمل: كأن يقول المفسِّر للرائي مثلًا أنَّ الطفل في الرؤيا يُحتمل أن يدلَّ على مسؤوليَّة يتحمَّلها، أو على نِعمة من الله (تعالى) له، أو على عمل صغير يقوم به.
فنسأل المفسِّر عن القاعدة التي بنى عليها هذه الاحتمالات في تفسير الرؤيا، فإذا وجدنا أنـَّه استخدم القاعدة الصحيحة للتفسير، وطبَّقها تطبيقًا صحيحًا على كلِّ واحد من هذه التفسيرات، قبلناها كلَّها، وأصبح كلُّ واحد منها تفسيرًا احتماليًّا للرؤيا، أي تفسيرًا ينطبق عليها، ويُحتمل أن يتحقَّق.
الثالث: تفسير صحيح واقع: وهذا التفسير هو واحد فقط من الاحتمالات السابقة أو التفسيرات الاحتماليَّة للرؤيا، وهو الذي يتحقَّق فعلًا من بينها، ويكون هو المعنى المقصود بالرؤيا بإذن الله (تعالى).
ولعلماء تفسير الرؤى قواعد معلومة لترجيح التفسير الأقرب إلى الصحَّة والوقوع للرؤيا من بين الاحتمالات المختلفة. وسوف نتناول هذه القواعد في سياق هذا الكتاب بمشيئة الله (تعالى).
ومن ضمن الأمثلة المشهورة لهذه الأنواع من التفسيرات:
1. تفسير خطأ: تفسير أبي بكر الصدِّيق (رضي الله [تعالى] عنه) لرؤيا في حضرة النبيِّ (صلَّى الله عليه وسلَّم)، حيث قال له النبيُّ (صلَّى الله عليه وسلَّم) بخصوص تفسيره: «أصبت بعضًا، وأخطأت بعضًا» (مُتَّفق عليه).
2. تفسير احتماليٌّ: تفسير النبيُّ (صلَّى الله عليه وسلَّم) لرؤيا، لم يشأ الله (تعالى) أن يكشف له (صلَّى الله عليه وسلَّم) تفسيرها الواقع، يقول النبيُّ (صلَّى الله عليه وسلَّم): «رأيت في المنام أنِّي أهاجر من مكَّة إلى أرض بها نخل، فذهب وَهَلِي إلى أنـَّها اليمامة أو هَجَر، فإذا هي المدينة يثرب» (مُتَّفق عليه). ومعنى ذهب وَهَلِي: ظنـنت أو تصوَّرت.
فتظهر هنا رؤيا النبيِّ (صلَّى الله عليه وسلَّم) لأرض بها نخل، ويظهر كذلك تفسيران احتماليَّان، وهما: المدينة أو هَجَر. وكلا التفسيرين يستند إلى القواعد الصحيحة لتفسير الرؤى (كلاهما به نخل)، فكلاهما محتمل الوقوع. وكذلك فالمدينة (يثرب) هو تفسير احتماليٌّ للرؤيا مثل اليمامة وهَجَر.
3. تفسير واقع: وهو التفسير الذي تحقَّق من ضمن التفسيرات الثلاثة السابقة (اليمامة، وهَجَر، ويثرب)، وهو المدينة (يثرب).
والله (تعالى) أعلم.
جمال حسين – باحث ومحاضر ومدرب في علم تفسير الرؤى
قام بإعادة تدوين هذه على مدونة تفسير الأحلام.
إعجابإعجاب