هل يمكن تحديد وقت معيَّن لحدوث شيء في المستقبل من خلال الرؤيا؟ وهل تكون التواريخ في الرؤيا صحيحة؟

لوحظ أنَّ أكثر الرؤى لا تشير عادة إلى توقيتات دقيقة لتحقُّق شيء معيَّن في المستقبل، ولكن يمكن أن تشير بعض الرؤى إلى توقيتات معيَّنة محتملة لوقوع بعض أحداث المستقبل سواء كانت هذه التوقيتات غير محدَّدة بدقة (قريبًا، في الصيف، في الشتاء،…إلخ) أو كانت محدَّدة (في رمضان القادم، بعد موسم الحجِّ القادم…إلخ).
ومع ذلك، فلا بدَّ إذا ما رأى المسلم رؤيا قد تكون فيها إشارة إلى توقيت معيَّن لحدوث شيء في المستقبل ألَّا يتعامل معها على أنـَّها واقعة يقينًا في هذا الموعد، بل عليه أن يُحسن الظن بالله (تعالى)، ويدعوه (سبحانه) أن يُحققها له، مع علمه الكامل بأنَّ للرؤيا احتمالات في تفسيرها، وأنَّ التفسير قد يخطيء وقد يصيب.
ومن ضمن الرموز التي قد تشير إلى وقوع الرؤيا في توقيت معيَّن على سبيل المثال: رؤيا المسلم أنـَّه في فصل معيَّن من فصول السنة، لاسيَّما إذا كان هذا الفصل مختلفًا عن الفصل الذي رأى فيه الرؤيا. وكذلك رؤيا المسلم أنـَّه يفعل شيئًا لا يُفعل عادة إلَّا في توقيت معيَّن، كأن يرى أنـَّه صائم، فيدلَّ على حدوث شيء في رمضان، أو يرى أنـَّه يُخرج زكاة ماله، فيدلَّ على حدوث شيء في الموعد السنويِّ لإخراج الزكاة، أو يرى أنـَّه جالس على شاطيء البحر، فيدلَّ على حدوث شيء في الصيف؛ لأنَّ الرائي لا يذهب إلى البحر إلَّا في الصيف، أو يرى أنـَّه يرتدي ملابس الشتاء، فيدلَّ له ذلك على حدوث الشيء في فصل الشتاء، أو يرى أنَّ بهائم تُذبح لله (تعالى)، فيدلَّ ذلك على حدوث شيء في عيد الأضحى، أو يرى أنـَّه يشاهد برنامجًا معيَّنًا في التلفاز، فيدلَّ على أنَّ الشيء سوف يحدث في اللَّيل؛ لأنَّ البرنامج لا يُذاع إلَّا في اللَّيل…وهكذا.
وطبعًا لا تأتي هذه الرموز وحدها هكذا في الرؤيا، بل كثيرًا ما يكون أحدها رمزًا ضمن مجموعة أخرى من الرموز للدلاله على توقيت محتمل لوقوع ما قد تدلُّ عليه بقية الرموز الأخرى من أحداث.
ومن أمثلة الرؤى التي يمكن أن يستنتج منها المفسِّر توقيتًا معيَّنًا: ما رآه مسلم صالح مهموم من أنـَّه يقرأ آية قرآنيَّة كريمة في صفحة ذات رقم فرديٍّ من صفحات المصحف الشريف غير محدَّدة السُّورة، وكأنَّ الآية الكريمة تقع بعد منتصف الصفحة بقليل، وكأنَّ قراءة الآية الكريمة تعسُر عليه.
ففسَّرها له مفسِّر على أنَّ يُسرًا وفَرَجًا يأتيه بعد منتصف عامٍ فرديٍّ بمشيئة الله (تعالى). فأمَّا دلالة الصفحة في المصحف الشريف على العام؛ فلأنها صفحة عامَّة (راجع تفسير الرؤى بقاعدة الجناس)، أي لم يظهر في الرؤيا ارتباطها بسورة معيَّنة، وأمَّا تخصيصها بأنـَّها قد تدل على عام فرديٍّ؛ فلأنَّ رقم الصفحة فرديٌّ، وأمَّا تخصيص التوقيت بأنـَّه قد يشير إلى ما بعد منتصف العام بقليل، فلأنَّ الآية الكريمة التي كان المسلم يقرأها في الرؤيا جاءت بعد منتصف الصفحة بقليل، وأمَّا العُسر في قراءة الآية الكريمة، فهو اليُسر والفرج بإذن الله (تعالى)؛ لقوله (سبحانه): ﴿سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا﴾ (الطلاق:7).
حكاية مفيدة: يحكى أنَّ شابًّا من مصر كان يدعو الله (تعالى) بالزوجة الصالحة التي تنصلح بها أحواله دينًا ودنيا، فرأى في منامه في فصل الشتاء أنـَّه في يوم الجمعة، وأنَّ السماء تمطر ماءً دافئًا، وأنَّه يشرب منه. فقال له مفسِّر الرؤى: الجمعة اجتماعك مع زوجتك على الخير والتقوى بمشيئة الله (تعالى)، وشرب ماء السماء كناية عن الجماع الصالح بمشيئة الله (تعالى)، ودفء الماء الممطر لعلَّه يكون علامة على قرب تحقُّق الرؤيا، نسأل الله (تعالى) أن تتحقَّق في فصل الشتاء هذا؛ لأنَّ الجوَّ عندكم في مصر دفيء ممطر شتاء، وأنت رأيت في الرؤيا مطرًا دافئًا. 
والله (تعالى) أعلم.

جمال حسين – باحث ومحاضر ومدرب في علم تفسير الرؤى

نُشر بواسطة Jamal Hussein

Dream interpretation researcher and analyst

لا توجد آراء بشأن "هل يمكن تحديد وقت معيَّن لحدوث شيء في المستقبل من خلال الرؤيا؟ وهل تكون التواريخ في الرؤيا صحيحة؟"

إضافة تعليق

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

%d مدونون معجبون بهذه: