قال بعض العلماء في بيان أهمِّيَّة وخطورة تفسير الرؤى أنـَّه يُعدُّ من الفتوى استنادًا إلى قول الله (تعالى): ﴿يَا أَيُّهَا الْمَلأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ﴾ (يوسف: 43).
ولتوضيح هذه المسألة، يمكن القول بأنَّ هناك نوعين أساسيَّين من الفتوى.
الأول: هو الفتوى في أمور الدين. ويختصُّ هذا النوع من الفتوى بإعلام المسلمين بما خفى عليهم من مراد الله (عزَّ وجلَّ) منهم. وهذا عمل لا يقوم به إلَّا المتخصِّصون من عُلماء الدين والمفتين الشرعيِّين.
والثاني: هو الفتوى في أمور المعيشة. ويختصُّ هذا النوع من الفتوى بإعلام الناس بما خفى عليهم من أمور دنياهم. وهذا عمل يقوم به عُلماء الدنيا، كلٌ في مجاله، فالطبُّ، والهندسة، واللُّغات، والصنائع، وغيرها كلُّها مجالات للفتوى.
أمَّا الفتوى الخاصَّة بالرؤى، فالظاهر أنـَّها نوع ثالث مستقلٌّ بذاته من الفتوى غير هذين النوعين، فلا هي فتوى شرعيَّة خالصة بالمعنى المعروف، ولا هي فتوى خالصة في أمور المعيشة، ولكن هو عمل له خصوصيَّة شديدة، وفتوى قد تجمع بين هذين النوعين معًا، ولا يجب أن تصدر هذه الفتوى إلَّا عن المتخصِّصين في الرؤى وتفسيرها فقط.
والرؤى الصادقة – كما تبيَّن سابقًا – عظيمة الشأن، فهي بمثابة “رسالة” من الله (تعالى) إلى المسلم. وإذا لم يقم بتفسيرها من يُحسن ذلك، فقد يتسبَّب التفسير الخطأ في أذى نفسيٍّ أو ماديٍّ لرائيها. وبالتالي قال علماؤنا بأنـَّها نوع من أنواع الفتوى في إشارة إلى أنَّ تفسيرها أمانة ومسؤولية كبيرة يُحاسب عليها من يقوم بها بين يدي الله (تعالى). فلا ينبغي أن يتصدَّى لهذا العمل إلَّا من يُحسِنه، أو على الأقل من يمتلك الحدَّ الأدنى من مؤهِّلاته.
والله (تعالى) أعلم.
جمال حسين – باحث ومحاضر ومدرب في علم تفسير الرؤى
قام بإعادة تدوين هذه على مدونة تفسير الأحلام.
إعجابإعجاب