طرح بعض المسلمين هذه الفكرة بأن ينقلوا ما يشاهدوه في الرؤى إلى ما يشاهدوه في اليقظة عن طريق الرسم. وهذه المسألة لا بدَّ لها من ضوابط معيَّنة حتَّى لا تخرج بالمسلم عن حدود المقبول شرعًا. ويمكن تلخيص هذه الضوابط في عدَّة نقاط، وهي:
1. لا يجوز رسم أشياء محرَّمة شرعًا بدعوى أنَّ الشخص قد رآها في رؤيا. فكما هو معلوم، قد يرى بعض الناس في الرؤى أشياء لا يجوز شرعًا نقلها على الورق كرؤيا الشخص لنفسه في المنام عريانًا، أو رؤياه لامرأة ترقص، أو رؤى تحتوي على ممارسات جنسيَّة، أو نحو ذلك من أمثال هذه الأمور.
2. ينبغي أن يعلم من يطرح هذه الفكرة أنَّ الرؤيا غالبًا ليست مشهدًا واقعيًّا يمكن للإنسان أن يفحص تفاصيله، ثم يقوم بنقله على الورق كما يفعل الرسَّامون، بل إنَّ الرؤيا هي مجموعة من المعلومات تحتوي على بعض التفاصيل فقط بهدف توصيل معنى معيَّن.
فمثلًا: أنت قد ترى في المنام أنـَّك في بيت معيَّن، ولكن هل تعلم بعد الاستيقاظ كلَّ تفاصيل هذا البيت الذي رأيته؟ هل تعلم لون السجَّاد في الأرض؟ أو لون الدهانات على الحوائط؟ أو هل كان باب الغرفة مفتوحًا أم لا؟..إلخ.
قد تعلم هذه الأشياء إن كانت ضمن معلومات الرؤيا، وقد لا تعلمها إن لم تكن ضمن هذه المعلومات. ولكن من الثابت أنَّ هناك الكثير من التفاصيل المطلوبة في الرسم لا تكون موجودة عادة في الرؤيا، وهذا يُصعِّب مسألة رسم الرؤيا هذه كثيرًا.
3. بناء على النقطة السابقة نقول أنَّ من يحاول أن يرسم الرؤيا سوف يجد نفسه مضطرًّا أن يضيف إلى الرسم أشياء من خياله لم تكن موجودة في الرؤيا، وذلك حتَّى تكتمل اللَّوحة بكل تفاصيلها. وهذه المسألة في منتهى الخطورة؛ لأنَّ هذا نوع من الكذب في الرؤيا، وهو حرام.
ومع ذلك، وبرغم كلِّ ما قلناه سابقًا، فإذا كنت لا بد أن ترسم رؤياك، فلا تدَّعي أنَّك ترسمها، بل قل أنـَّك ترسم لوحة استوحيتها من رؤياك حتَّى تخرج من دائرة الكذب في الرؤيا.
4. نؤكِّد كذلك على أنَّ مسألة رسم الرؤى هي من البدع العجيبة التي لم يقم بها السلف الصالح من المسلمين. ونعتقد أنَّ فيها خروجًا عن الهدف الذي خُلقت من أجله الرؤى، وبالتالي فلا ننصح المسلمين بها.
والله (تعالى) أعلم.
جمال حسين – باحث ومحاضر ومدرب في علم تفسير الرؤى
قام بإعادة تدوين هذه على مدونة تفسير الأحلام.
إعجابإعجاب